"الحرية 2" رهن الاعتقال... حتى موعد حرية آخر

على المجتمع الدولي الوقوف عند مسؤولياته والانتصار لمعايير حقوق الإنسان ووقف جريمة الحصار الذي يعاني منه مليونا فلسطيني، فقد حاول الشعب الفلسطيني في قطاع غزة بكل الوسائل المتاحة أن يكسر الحصار الخانق المفروض عليه

(عرب 48)

"غزة ستنتصر على الحصار"، هذا ما قاله أحد المواطنين المتواجدين على متن سفينة "الحرية 2" خلال حديثه مع مراسلة "عرب 48"، وسط أجواء احتفالية وطنية وبحضور عدد كبير من المواطنين الفلسطينيين وممثلي الهيئة العليا لمسيرة العودة الكبرى والفصائل الوطنية وفئات مختلفة من المجتمع الغزيّ.

جاء ذلك قبيل انطلاق سفينة كسر الحصار، صباح اليوم الثلاثاء، من شاطئ بحر مدينة غزة في رحلة بحرية ثانية إلى العالم الخارجي، بدعوة من الهيئة الوطنية لمسيرات العودة وكسر الحصار عن قطاع غزة.

حملت السفينة على متنها عشرة أفراد، ثلاثة من طاقمها وسبعة من الجرحى الذين أصيبوا خلال مسيرات العودة السلمية، بالإضافة لبعض المرضى والطلاب، بهدف كسر الحصار المفروض على قطاع غزة منذ 12 عامًا، في رسالة رمزية من الفلسطينيين في القطاع إلى المجتمع الدولي "الشريك في الصمت"، والتأكيد على الحق في حرية الحركة والتنقل والسفر والحق في العلاج.

وأوضح أحد المشاركين لـ"عرب 48" أن "على المجتمع الدولي الوقوف عند مسؤولياته والانتصار لمعايير حقوق الإنسان ووقف جريمة الحصار الذي يعاني منه مليونا فلسطيني، فقد حاول الشعب الفلسطيني في قطاع غزة بكل الوسائل المتاحة أن يكسر الحصار الخانق المفروض عليه، وأسطول الحريّة، هذه المرّة، أُختير له أن ينطلق من غزة نحو العالم والحرية".

وفي حديث مع رئيس اللجنة القانونية في الهيئة الوطنية لمسيرات العودة وكسر الحصار، صلاح عبد العاطي، خص به "عرب 48"، قال: "نطلق سفينة الحرية رقم 2 في رسالة إصرار منا على مواصلة النضال من أجل انتزاع حقنا برفع الحصار وحقنا في التنقل والسفر. هي رسالة للتأكيد على أهمية أن يقوم المجتمع الدولي بواجباته في وقف ورفع الحصار الخانق المفروض على قطاع غزة".

سنتابع ونواصل

وأوضح عبد العاطي أنه "بسبب الحصار ارتفعت نسب الفقر لتصل إلى 83% ونسب البطالة تصل 53%، ونسبة انعدام الأمن الغذائي وصل إلى 70%".

وأضاف أن "ما نتعرض له هو جريمة متواصلة ضد الإنسانية وآن الأوان أن تنتهي. وهي رسالة إصرار رغم كل التحديات التي تعترض طريق هذه الرحلة، لن نسلم ولن نرضخ لإرادة الاحتلال".

وحمّل عبد العاطي الاحتلال مسؤولية حياة المواطنين وطالب بإطلاق سراح القبطان سهيل العامودي قائد سفينة "الحرية 1"، المعتقل لدى سلطات الاحتلال الإسرائيلي.

وأكد على "استمرار هذا النشاط، حتى لو اعترض الاحتلال هذه السفينة واعتقل من فيها (ما حصل لاحقًا) سنتابع ونواصل ونعمل على الإفراج عنهم جميعًا".

"من حقي تلقي العلاج"

بدوره، قال الشاب غانم شريف الجعل (28 عاما)، الذي أصيب بجراح خطيرة في قدمه خلال أحداث مليونية مسيرة العودة في الرابع عشر من أيار/ مايو الماضي، لــ"عرب 48": "كان لدي أمل وإيمان كبيران أنني سأخرج من القطاع كي أتلقى العلاج؛ هذا من حقي. جئت إلى هنا على أمل أن أبحر على متن السفينة، غير أني لم أقم بتسجيل اسمي بالموعد المحدد، علمت بذلك متأخرًا. لم أتمكن من السفر للعلاج من خلال معبر رفح أو داخل مستشفيات القدس، الحق في السفر والعلاج في غزة ليس كما لدى باقي الشعوب. من أبسطها".

"نحمل الاحتلال مسؤولية سلامتهم"

أما الصياد أحمد الهسي، والد قبطان سفينة "الحرية 2"، خالد الهسي (30 عامًا) المريض بزيادة الكهرباء في الجسم، أخبر مراسلة "عرب 48" أن "خالد لم يقطع الأمل وأصر على الذهاب وأن يكون أحد المشاركين، لا نخاف عليه مطلقا لأن هذا اختياره ولديه أمل بأن يتعالج في الخارج".

وتابع الهسي قائلا: "حفيدي كذلك على متن السفينة"، وأوضح أن "خالد شارك في سفينة ‘الحرية 1‘"، وقال "إنني أحمل الاحتلال مسؤولية سلامتهم وأمنهم الشخصي".

"بدي أرجع أحاول"

"كنت على متن سفينة ‘الحرية 1‘ على أمل العلاج إلا أنني اعتقلت من قبل الاحتلال وقاموا بإعادتي مع الآخرين"، قال محمود أبو عطايا لـ"عرب 48" وتابع، "سجلت اسمي هذه المرة للسفر على متن سفينة ‘الحرية 2‘ ونويت السفر للعلاج في دولة أخرى".

وأضاف "في المرة الماضية، طلعت في السفينة ولما قرّبنا من جنود الاحتلال أوقفوا السفينة واعتقلوني وسألوني هل ستعود إلى هنا مرة أخرى، قلت لهم بدي أرجع أحاول في كل مرة تخرج فيها سفينة من غزة".

وتابع "نحن في المنزل 4 أشقاء مصابين في أحداث مسيرات العودة السلمية ومن حقي العلاج". وطالب أبو عطايا "المجتمع الدولي أن يجد حلا للشعب الفلسطيني في قطاع غزة"، وقال إن "الرئيس محمود عباس والاحتلال يتحملان المسؤولية عن أحوالنا الصعبة في القطاع".

حال محمود أبو عطايا كحال عديد الفلسطينيين سواء المصابين أو المرضى وهم بأمس الحاجة للعلاج، ومع إدراكهم بخطورة السفر عبر البحر وخطر إطلاق جنود الاحتلال النار عليهم أو اعتقالهم إلا أنهم مصرّون على المخاطرة من أجل البقاء على قيد الحياة في ظل إغلاق المعابر وعدم سماح إسرائيل للمرضى بتلقي العلاج في المستشفيات الفلسطينية في الداخل والقدس والضفة.

لم تمض ساعات، حتى انقطع الاتصال بطاقم السفينة؛ لم نتمكن من التواصل مع "الحرية 2" لساعات، حتى أعلن الاحتلال إيقافها واعتقال طاقمها والأشخاص على متنها... "الحرية 2" رهن الاعتقال... حتى موعد حرية آخر.

 

التعليقات